تقيم آلاف العائلات الفلسطينية في الداخل والخارج بدون بطاقات “الهوية الفلسطينية” الصادرة عن السلطة، والتي لا تستطيع الحصول عليها إلا بموافقة سلطات الاحتلال.
وتطالب هذه العائلات منذ سنوات طويلة بحق إنساني بسيط، وهو الحصول على لم شمل، وإثبات شخصية رسمي.
وبعد سنوات من بقاء هذه المطالب لآلاف الفلسطينيين حبيسة أدراج “الإدارة المدنية” الاسرائيلية، اطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة حملة “لم الشمل حقي” لتسليط الضوء على معاناة أكثر من 100 ألف فلسطيني وفلسطينية، لا يستطيعون العيش في وطنهم ومع عائلاتهم.
معاناة منذ 20 عاما
وأوضحت حملة “لم الشمل حقي” أن بعض الأسر الفلسطينية مُشتتة منذ نحو 20 عام، أي أن أحد الأبوين أو بعض الأبناء لا يسمح الاحتلال بإدخالهم في سجل السكان الفلسطيني.
وأشارت إلى أن الردود الرسمية الفلسطينية على الحراك “تُلقي بالمسؤولية دائما على جانب الاحتلال، وأنه لا يتعاطى مع الملف”.
ولا تملك السلطة الفلسطينية أية سلطة لإجراء أي تغيير على السجل السكاني، سوى تسجيل المواليد والوفيات واستبدال بطاقات الهوية التالفة.
ونظمت حملة “لم الشمل حقي”، في شهر شباط الماضي، وقفة أمام مقر هيئة الشؤون المدنية، في مدينة البيرة، للمطالبة بحل أزمة آلاف العائلات، المتواصلة منذ سنوات.
وتطالب الحملة بإصدار بطاقات الهوية الفلسطينية لما يقارب 22 ألف شخص، حُرموا من حقوقهم منذ سنوات، جراء رفض الاحتلال الموافقة على طلب “لم الشمل” الخاص بهم.
بُعد وحرمان
ويقول أحد المواطنين الذين ينتظرون لم الشمل: “نحن نعاني من مشكلة لم الشمل. أمي قدمت لأبي لم شمل عام 1994م، وأعادت التقديم مرة أخرى، وإلى الآن لم يحصل والدي على تصريح أو لم شمل، وأبي وأمي وأخواتي في عمان، وأنا وأخواني الشباب في الضفة”.
ويضيف: “أخي الكبير سيتزوج من الضفة، وهو أول أخ لنا سيتزوج، ووالدي يتمنى أن يحضر عرس ابنه، لكن يبدو أن هذه الأماني ستبقى حبيسة الأدراج عند السلطة أو الاحتلال”.
بدورها ناشدت حنين كمال، التي تحمل الجنسية الأردنية الرئيس محمود عباس بأن يساعدها في الحصول على الهوية، قائلة: “لدي أربعة أطفال ولا أستطيع زيارة أهلي، ووالدي تعرض لجلطة ولا أستطيع زيارته، ودائما اتنقل بخوف من اعتقالي وترحيلي”.
من جانبها، قالت فاطمة عبد الوهاب، وهي مواطنة من اليامون بجنين، إن أبنائها تقدموا للحصول على موافقة لم الشمل منذ 20 عاما لكنهم لم يحصلوا على الهويات حتى الآن.
100 ألف طلب
وقال مركز القدس للمساعد القانونية، إنه وتبعا لقرار وزير داخليّة الاحتلال الإسرائيلي بتجديد التجميد المفروض على قبول طلبات لمّ الشمل للعائلات الفلسطينيّة، فقد أشارت بعض التقارير إلى أنّ عدد الطلبات المُقدّمة لوزارة الداخليّة الإسرائيليّة في هذا الشأن تفوق الـ 100 ألف طلب.
ولفت المركز إلى أن سياسات وزارة داخليّة الاحتلال متواصلة بالعمل على تجريد الفلسطينيين بشكل عام والمقدسيين بشكل خاص من حقهم بالإقامة في الضفة والقدس إلى جانب أهلهم وذويهم.
وأوضح المركز أنه وبالنسبة للمقدسيين، فإن داخلية الاحتلال تقوم بسحب هويّات الأشخاص الذين ينالون الإقامة في بلدٍ أجنبي، أو إذا حصل الفرد على جنسيّة دولة أجنبيّة، أو أن أقام خارج مدينة القدس لأكثر من سبع سنوات.
حق أساسي
وشدد المركز على أن الحق في حرية السفر والتنقل والحركة هو حق أساسي دأبت سلطات الاحتلال على انتهاكه بمنع عشرات آلاف المواطنين الفلسطينيين المحرومين من الهوية من السفر، والذي تترتب عليه انتهاكات لحقوق أخرى، منها الحق في العمل والعلاج والتعليم وممارسة الشعائر الدينية والتواصل الاجتماعي.
وحسب المادة الـ13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإن لكل فرد حق في حرّية التنقل، وفي اختيار محلّ إقامته داخل حدود الدولة، ولكل فرد حق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده وفي العودة إليها.
وتضرب سلطات الاحتلال بعرض الحائط القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وتواصل رفض طلبات لم الشمل، حتى أضحى الآلاف من الفلسطينيين حبيسي آلام البعد وفقدان “الهوية” وحقوق “المواطنة”.
نجيب فراج